الخميس، 29 سبتمبر 2011

الأسماء كلها



كطفلة كنت أجد نفسي أحدق إلى النور " لمبة الغرفة الكاشحة " ثم أحصل على متعة سرية من إشاحة نظري عنها و  متابعة  كل تلك الأشكال الملونة التي تطفو وتتراقص في الهواء ، ألاحقها بعيني حيناً ثم تلاحقني حيناً آخر حتى عندما أغمض عيني " نكاية " فيها  .
 كبرت وعرفت عن طريق الصدفة أن لها اسماً معروفاً ، وأنها -ولخيبتي الكبيرة-  ظاهرة مكتشفة منذ زمن  وقد كنت أظن أني الوحيدة التي كانت على اتصال بهذه المخلوقات الأثيرية ...
دائماً ما كنت ألاحظ أشياءً صغيرة ،  وكما فعلت كطفلة  كنت أعتقد أيضاً أن أحداً لم يفطن لها سواي  – ألق ِ باللوم على أبي كان يشيد بذكائي دائماً -  أو أنها غاية في الدقة – والتفاهة– فلم يهتم أحد حقاً بقولها أو الكتابة عنها
ومع الوقت تعلمت أني مخطئة
تلك الأوقات التي كان عليا أن أنجز فيها عملاً ما وفكرت فيه وحللت وحللت حتى شعرت بعجز كامل عن فعل أي شيء حياله و إنجازه  : تسمى علمياً ( analytic paralyses  )   الشلل التحليلي
المرات التي كررت فيها كلمة حتى فقدت معناها كلياً بالنسبة لي : ( semantic satiation ) التشبع الدلالي .
الساعات الطويلة أمام كتابي التي ضعت فيها ببحر الأفكار وأنا أعجز فعلاً عن التركيز ( wandering thought syndrome ) متلازمة الأفكار المتجولة ( وسميت متلازمة مجازاً )       
وطبعا المخلوقات الضوئية المازحة التي اصطفتني دوناً عن أهل الأرض أجمعين لتجري معي محادثة عابرة تسمى(after image    أو  (burn-in phenomena )

 وعلى صعيد المشاعر والأدب فكثيرة هي الخلجات والأفكار التي انتابتنا ،  ثم أحسسنا بتلك الدقة في الفؤاد حالما قرأناها مكتوبة بكلام غيرنا معبرة عنا بطريقة مذهلة  ما كانت لتكون أفضل لو كتبناها بأنفسنا
علوم كاملة ( كالبرمجة اللغوية العصبية ، وإن كنت لا أراه علماً مستقلاً بذاته ) ، وأعمال أدبية عظيمة قامت على كل تلك اللفتات والتفاصيل الدقيقة الرقيقة التي ما أزعجنا نفسنا  باستباق قولها  أو تجسيمها وتحديد حدودها الحقيقة بالنسبة لنا و للآخرين
لم لا نبحث ونعرف ونكتب ، ونتحمل قليلاً من السخرية  التي  قد نقابل بها جراء السعي وراء تملك تفصيل أو تفاصيل و أسماء صغيرة  قد يتضح لاحقاُ أنها موارد وفوائد حقيقة ؟
لم لا ندخل تحت مظلة تلك المباهاة الأزلية ، عندما علم الله أبونا آدم الأسماء كلها ؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق