الاثنين، 31 أكتوبر 2011

أنه ...أنه ...أنه مجرد من المشاعر !



في لحظة من لحظات الصفاء الذهني التي ارتطم بها بين الفينة والأخرى ، نظرت إلى شاشة الاب توب التي أمامي وخرجت بنتيجة مذهلة  ( على الأقل بالنسبة لي ) : 


نحن " مشاعريون " جداً
أتصح هذه الكلمة ؟
على أية حال ، نعم نحن مشاعريون جدا ً

لو عملت صفين عريضين في ذهنك أحدهما أدرجت تحته ( المشاعر ) والآخر أدرجت تحته ( الأفكار أو على الأٌقل كل إدخال يخلو إلى حد ما من المشاعر ) لوجدت أغلب الأشياء التي يشاركك إياها من حولك في عالم الإنترنت  هي من ما يدرج تحت فئة المشاعر والعواطف والأحاسيس
أنا أحب
أنا أكره
يثير غيظي كذا، و أريد بشدة كذا
أشعر بالغضب ، أنا سعيد ..أنا لست كذلك
الحب والكره والقرف والإمتعاض والمعارضة والموالاة و السعادة والتعاسة وكل أنواع المزاجات  المتقلبة التي يمر بها إنسان  هي مشاعر يغرق بها أي حساب تملكه في العالم الإفتراضي
هذا طبعاً دوناً عن ذكر تلك الصفحات الأدبية  التي جعلت العشق والوصل و الفصل شغلها الشاغل وحديثها الوحيد
و لا نغفل بعض بهارات الموت والحياة  و  كلا م " اتجهوا بأحلامكم وطيروها للسماء ! " التي تطرزها هذه الصفحات على حافة مواضيعها التي تدور بشكل رئيسي  في مدار العشق والخيانة
( الحب والموت يغذيان وحدهما كل الأدب العالمي ، فخارج هذين الموضوعين ، لا يوجد شيء يستحق الكتابة )  تقول أحلام مستغانمي 


المشاعر أسهل ، المشاعر أكثر قرباً ، المشاعر أشياء عالمية ، وأنت لا تحتاج درجة بكالوريوس أو دكتوراه حتى تفهم الغضب أو الحزن أو الحب ، أنت لا تحتاج  إلا أن تكون إنساناً حتى تفهم "ستاتس " صديقك الحزين أو تغريدة شخص غاضب
لماذا كان هذا الإدراك المفاجئ مثيراُ للإهتمام ؟
حسناً ..أنه يفسر عدد الساعات التي تقضيها أمام شاشة حاسوبك ( بالتحديد على مواقع التواصل الإجتماعي )  ، لتخرج في نهاية جلستك صفر اليدين وبدون إضافة لذاتك أو رصيد تفتحك (  إلا كنت تظن أن ' كره ' فلان لرائحة السوبيا و ' تفضيله'  للمطعم الفلاني  هو إضافة جيدة لإدراكك )

" طيب ؟
أنها مواقع ا ج ت م ا ع ي ة !!
 هذا ما يفترض بها أن تكون !! بسيطة معبرة عن ذات الإنسان و ذات صبغة شخصية ، وإذا كانت رائحة
السوبيا هي " ما يشغل باله " الآن  ... فليكن ! "  
أتخيل أحدهم يهتف بهذا الآن . 


ولا غبار على هذا  

خصوصاً أنه في كل مرة حاولت فيها لف  وبعج إدخالاتي لتأتي ذات " فائدة " أفاجأ
 بأن نفسي " تنسد " ، وأنه في كل مرة أفشل فيها عن جواب سؤالي لنفسي " ما فائدة هذا الكلام الذي تكتبينه الآن و هل فيه إضافة جديدة لمن حولك ؟ " بنعم ،
 أقوم بمشاركة ما يدور في خاطري على أية حال دونما إكتراث كثير بحقيقة قلة الفائدة التي يحويها 


ما المطلوب الآن إذن ؟
المطلوب هو : 

حقائق أكثر ، مشاعر أقل
معلومات أكثر  ، أحاسيس أٌقل
كلام واقعي  أكثر ، عشق  وحب أقل ! ( وجه أخضر  يتقيأ )


المطلوب هو ذاك التوازن الجميل بين الوقائع والحقائق وبين الجزء العواطفي فينا ، المطلوب هو الحقيقة  الملفوفة بالمفيد والمثير للاهتمام  من المشاعر والأحاسيس

وبغض النظر عن أن  الأشياء لا تندرج تحت فئة موثق  أو " علمي " حتى تخلو من الأحاسيس وتتسم بالموضوعية ( أي مرة أخرى:  غير عاطفية ولا شخصية )  ، وبغض النظر عن أي مشاعر تظنها فريدة ومقتصر على قلبك فقط فإنك ستجدها في كتب الأدب بجميع اللغات  
بغض النظر عن هذا كله فأنه لا يبدو من المتعقل أن نتجه بحساباتنا في الإنترنت نحو السيولة والتدفق وكشف القلب بما حوا ونشر أكثر مشاعرنا خصوصية كغسيل على شبكات الإنترنت ( مهما كان هذا مغرياً )

إلا أن تكون النزار قباني الجديد ؟ 


































مثال على توازن جميل : 
http://www.kumailplus.com/

الخميس، 20 أكتوبر 2011

الأحجار المنطلقة ، والقطط أدلةً للإيمان



ثلاثة أشياء تدور في خاطري المزدحم الآن :

ألا تعرف ماما أني أدخلت القطة إلى المنزل

ألا تعرف ماما أني أدخلت القطة " في جواري "

ألا تتعثر أختي الصغرى التي تموت رعباً من القطط بقطتي المسكينة في" حوش "منزلنا فتصرخ صرخة مدوية وتتبعها أمي بزئيرها الأمهاتي الشهير فيستباح حماي وينتهك جواري وترمى قطتي في الشارع مرة أخرى


هذا أبرز ما يدور في صندوق رأسي الفوضوي /المرتب  الآن وبقية الأحداث الكونية الأخرى فلها " رب يحميها " وقنوات ومريدون ...




لماذا نسيت كل منهج  المايكروبيولوجي  ( الأحياء الدقيقة ) عندما تمسحت تلك القطة المشلولة بقدمي ؟

لماذا نسيت تلك القشعريرة التي تعلمتها في فترة ما من فترات " نضوجي " ، تلك التي تظهر متسلقة ظهرك حالما يهدد طارئ " قذر "  وجودك وكيانك  " النظيف " ؟


مسحت على رأسها بكامل يدي ، لمست أذنيها وأنفها  ،  خللت أصابعي تحت ذقنها  التي رفعته نحوي مغمضة العينين بالغة المسكنة  خانعة المواء
وأنصت جيداً لذاك  الصوت  الأليف الذي تصدره القطط  رضاً عن مداعبتها وطلباً لمزيد من الدلال  
يع ..
الله يقرفني ..



" عمر ..إشبها دي البسة ؟ "
" واحد من العيال رمى عليها شي ... يمكن "
آه ..وشيء آخر
قد غضبت !
غضبت جداً ، لوهلة من وقفتي هناك ..ظهرت على السطح " فتاة الحارة " بداخلي ، تلك التي ودعتها منذ زمن ،  زمن بعيد !  ( كِلت من السباب و دعوى كسر الأيدي الكثير ، عسى أن  تكون أبواب السماء مفتوحة حينها ! )
تلك التي سوت الخلاف مع يزيد العتيبي (  ولد من أولاد الحي )  بحجر _ يذكره كما أذكره أنا – رُزع  في قفا رأسه  المفلطح الثخين...  وولت هاربة ..
كانت الأشياء بسيطة حينها ، و كان كل شيء يصير ...." بالقوة بالفتوة "

كان بودي أن تعود ذكرى ذاك الحجر المجيد في حاضري هذا ...تحديداً .. بقفا من فعل ذلك بقطتي
لا شيء كان ليريحني إلا عقوبة بدنية ، جسدية  ، ملموسة ،  محسوسة وحبذا تحبيذا شديداً لو كانت منفذة بواسطتي شخصياً


أشياء صغيرة   - صِغر قطة مشلولة - تكون بعدها موقناً من آخرة ورب كبير
ومكان " آخر " وأخير
 وعدل  مطلق لا يليق بصاحبه إلا أن  يقتص ممن اعتدى  !

إما هذا  أو  أموت كمداً
أو تنطلق الأحجار و ترتطم بمؤخرات الرؤوس ...وأولي هاربة !







                              http://instagr.am/p/Rr9UY/











ملاحظة :
1- الثقة بالعدل لا تقتضي ترك السعي الدنيوي  للمحاسبة
2-  كل تلك المسكنة والمواء البريء والعيون الواسعة المحدقة ما أزال إحساس ريبتي بالقطة المشلولة ، شيء يقول لي أنها تستغلني للماء والطعام فقط   وأنها كانت لتقوم بعرض التمسح  واللحاق المستميت ذاك مع أي مار آخر
* عقد الإناث الأزلية *  
* تنهيدة * 

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

أوه ! أوه ! إحزر أين رأيت رِجلك ؟!


تظن بعد أن تقبل في كلية الطب أن اللحظة المشهدية التالية في حياتك ستكون أول مرة تدخل فيها إلى المشرحة ، مشرحة جامعتك العزيزة ( والتي بالمناسبة غرقت في سيل جدة  الأول ولم يبقى منها أي جثة مما اضطررنا حينها للدراسة على الصور والقطع البلاستيكية  )
تخبر نفسك أنك لن تكون نفس الإنسان بعدها ، شيء فيك حتما ً سيتغير ، ربما ستجهش بالبكاء يومها ، لربما تكتشف أنك جزار ابن جزار ، لربما  تقف ذاهلاً أمام بقايا ما قد كان يوماً حياة و قطع نفس ..
ولست هنا بصدد حكاية أول مرة دخلت فيه المبنى سبعة وهو المبنى التي تقع في بدرومه مشرحتنا الغريقة  ( بالغين وليس العين  ) فهي قصة سأرويها لأحدهم إذا أردت اقناعه بمدى رقتي  الشخصية  ومقدار ما أتمتع به من هشاشة و أنوثة و  * ياي*

وبقدر ما كنا ندخل المشرحة  لم يثر فيا الأمر الكثير من الأسئلة الوجودية كما توقعت قدر ما أثار مسحة من التساؤل والتخيلات دفعني له الملل و طول الجلسة أكثر منه الحضور الحزين للقطعة الآدمية المسجاة أمامك
لم يثر المكث وطول الذهاب والمجيء أسئلة الحياة و الموت ، وأسئلة الـ "  لماذا ؟ "
بقدر ما أثار أسئلة الـ " كيف ؟ "
 ولأكون صادقة فأن أسئلة الكيفية هي الأسئلة الوحيدة التي آثارها حقاً وجودي هناك  ( مناهج  " من ربك ؟ ربي الله  " توفر  لك  الكثير من الاستقرارية  والهدوء النسبي )
في مرة من المرات ووددت حقاً لو أن من يشتري لنا هذه الجثث يضع لنا بطاقات تعريفية عليها ، فتمر عليها وتقرأ " مات بسرطان " ، مات بفيضان " ، " مات ميتة طبيعية "

 كان يقتلني الفضول وأنا أمر بجانب الأذرع المكومة على طاول واحدة ، والسيقان المرصوصة بعضها فوق بعض ، وددت لو عرفت كانت لمن ؟ كيف كانت حياته ؟ كم طفلاً أنجب ؟ بماذا أشتغل ؟ أكان سعيداً ؟
 أم لم يكن ؟ وهو المرجح ؟ إذ لم يكن لجثته صاحب ولا عزيز .وإن كان فقد باعها لمشتري الجثث و " لوازم " العلم .؟



 وددت لو عرفت أسماءً :  ذراع سعيد ، يد محمد ، ساق جون ، جمجمة اممممم إقبال! جلال ! أي شيء  أي اسم
وتمر بي خاطرة مريضة  كأن يعود أحدهم للماضي ، ويقترب من الشخص الذي من المفترض أنه سيكون جثة مستقبلاً وهو يجلس في مكان تظنه على الأغلب حقيراً بائساً  قائلاً له بكثير من حس الفكاهة ، وهو يشير ببسمة كبيرة على الجزء الذي سيقطع ويكوم  مع غيره من الأجزاء : "  أترى رجلك هذه ؟ سيقطر منها الفورمالين والبرد والوحشة  في إحدى الجامعات ببلد يسمى السعودية في مكان بعيد بعيد عن هنا "
يا ترى ماذا سيقول حينها ؟ والأكثر فكاهة هل سيعرف أين هي السعودية هذه ؟  
مثير للسخرية





وهذه حتماً  ليست دعوة معادية للعلم والتعلم ،
هي فقط  * الخيالات * المصاحبة للعملية التعليمية  التي أبتسم بعدها ببلاهة قبل أن أدرك أن الدكتورة على وشك الانتهاء من الشرح وقد  فوت جزءاً لا بأس به من الكلام 

السبت، 1 أكتوبر 2011

أربعة كتاكيت وخروف قتلتهم حبا


كعادتنا رجعنا من بيت ستي رحمها الله ودخلت المنزل وأنا أحمل بيدي القفص الذي يحمل أربعة كتاكيت أشتريتها مؤخراً  ، كانت كتاكيت بلدية  ( أي أنها مازالت تحتفظ بألوانها الطبيعية المتراوحة من الأصفر للبني ولم يحقنها أحدهم أو يغطسها في ألوان فوشية أو زرقاء أو خضراء  )
أخذني الحنان بالكتاكيت في تلك الليلة  و تناولت شرشفاً ثقيلاً  وغطيت به القفص بإحكام ، وحالما رجعت في ظهيرة اليوم التالي من المدرسة  اقتحمت  " الحوش"  الخلفي  للمنزل الذي كنت أبقي فيه القفص لألعب مع كتاكيتي
تناولتني صدمة ثقيلة حالما رفعت الغطاء
كانت الكتاكيت الأربعة  مرمية على أرض القفص بطريقة مريبة  ( أماني  قد مرت من هنا )  
كان الأكبر فيهم مستلقياً على جانبه يحارب ليتنفس ويحصل على الهواء ، بينما ثلاثة منهم يبدو أنهم قد فارقوا  الحياة قبل أن آتي بمدة جيدة  
 بكل الوحشية والحب الذي تملكه بنات الإبتدائي قتلتهم !
 ومضى ذاك اليوم 
أما الخروف فقد كان مكافأة وُعدت بها إذا  أحترمت نفسي وصليت صلواتي جميعها  على مدار أسبوعين متتالين ، وعلى أنني لم أصل معظم الأيام إلا أنني لا أنسى تلك اللحظة التي فتحت فيها الباب ومنظر أبي أمامه يحمل خروفاً رضيعاً بكلتا يديه
لا أذكر بالتحديد ماذا فعلت ماما حينها أعتقد  أنها خاضت خصاماً مشهودا مع بابا ، لست متأكدة كنت مستغرقة حد العبادة بالخروف الصغير الرضيع
وكما في حالة الكتاكيت تملكني الحب والحرص مرة أخرى عندما سمعت أن الخراف يجب أن يحلق عنها صوفها دورياً وإلا مرضت.
 فالتقطت ذاك المقص وهممت بحلاقة شعر خروفي الصغير ( للمعلومة لم يكن له صوف بعد ، كان صغيراً جدا )
 وكأي خروف يثق بأمه لم يقاومني ذاك الخروف كثيراً
أستلقى على الأرض"  زي الشاطرين "  وتركني أقوم بما يجب عليا القيام به  ومع أول قصة  بذاك المقص الكبير الذي لم أحسن تصويبه جيداً نزف خروفي الحبيب بضعة قطرات من الدم  توقفت بعدها جزعاً عن عملية الحلاقة الوقائية
لا  أظن أن تلك القطرات هي ما قتلت خروف طفولتي  لكنني قضيت جزءاً جيداً من حياتي أعتقد فيه أنني قتلته  بذاك المقص وبذاك الجرح
مررت بمزيج سيء بعد موته بأيام عديدة  من إحساس بالذنب والحزن على فرقاه وعلى أمه التي لابد أنها افتقدته كثيراً بعد أن ذهب إلى عهدتي   ، أحببته حقاً  وقتلته حناناً هو الآخر !
سأذكر نفسي مستقبلاً ألا أشتري أي حيوانات أليفة ( أو داجنة ) لأطفالي مهما أكلوا رأسي بالطلب والنق
الإحساس بالذنب حمل رهيب على قلب طفل صغير 
وماذا حصل لذاك الكتكوت الأخير الذي صمد حتى جئت ورفعت الغطاء ؟ 
مات أيضاً