السبت، 20 يوليو 2013

الإنمي الياباني .. بضع أشياء لتتذكرها إذا قررت المشاهدة


حسناً هذا موضوع غريب للكتابة حقاً ، غريبٌ لسببين : الأول أنني في الوقت الذي ظننت فيه أن هذه المدونة بدأت تأخذ طابعاً شخصياً و فردياً أجدني أرغب في كتابة موضوع كهذا ، موضوع يبدو أن مكانه أحد منتديات عشاق الإنمي الياباني ، أو مدونة تهتم وتختص فيه عن كثب  ..
والسبب الثاني هو أن حصيلتي الشخصية من مشاهدة مسلسلات الإنمي تعد على أصابع اليد الواحدة ( هذا بالطبع إذا أستثنينا بوكيمون وأبطال الديجيتال وماروكو وعهد الأصدقاء وغيرها من الإنمي المترجم التي إما كبرنا عليها أو كبرنا وهي حولنا منتشرة كموجة  جنونية رأيناها  في كل مكان وعلى كل شيء  ( من يتذكر لعب البوكيمونات القطنية التي كانت تأتي كهدية مع وجبات الأطفال من برغر كنغ ؟ )
أياً ما يكن ، وجدتني اليوم أمام عدد من الملاحظات والتي برغم بديهيتها إلا أنني رغبت في تعليبها ووضعها على الطاولة ومن ثم النظر إليها ملياً من بعيد .. بكلمة أخرى كتابتها ووضعها على الورق قبل أن تتلاشى في الخلفية وتعود أمراً معتاداً لا ألحظه إذا وضعته على جنب لوقت أطول .. 
حسناً ... وعلى طريقة المجلات ( وبرغم أنه لا يوجد أحد فينا حقاً لم يشاهد رسوماً متحركة يابانية بطريقة أو بأخرى  ) لكن إليك أهم الأشياء التي يجب عليك أن تعتادها  إن أردت الإحتكاك ببعض أشهر الرسوم المتجركة اليابانية الموجودة على الساحة   

   -    يتعاطي الإنمي الياباني  - أو أحد أكثر سلاسله شهرة - مع ثيمات الموت والحياة بطريقة مكثفة ، وعلى أن هذا ليس غائباً في المسلسلات المنتجة من قبل ثقافات أخرى ، إلا أن تعاطي المسلسلات اليابانية معها هو أكثر مرونة  ، وعندما  أقول أكثر مرونة فأنا أعني أن أنه ليس من المستغرب أن تظهر " آلهة الموت " بشكل مجسد في الحلقات ، تلقي النكات ، وتتحدث مع الأبطال ، وتأخذ أدواراً رئيسية ودائمة في الظهور  الأمر الذي يجعلني أتساءل حقاً عن معنى الآلهة أو الموت أو البعث في الثقافة اليابانية وأبعادها العاطفية الحقيقية عند عامة اليابانيين ، ولماذا كانت مطروقاً بهذه الكثرة






- رتم الإنمي الياباني يختلف تماماً عن أي شيء آخر ، فالأحداث تأخذ نحواً أكثر تؤدة وبطء ، وما يتم في مسلسل أمريكي على مدى ثلاث حلقات يتم في المسلسل الياباني على مدى 15 حلقة .. هذاعلى الأقل :P

-  الشرح .. التوقف ومن ثم الشرح التفصيلي للأحداث وللذكريات وللتقنيات جزء أساسي وكبير جداً من جسم أي حلقة في أي مسلسل ياباني .. بل أن حتى أكثر اللحظات حسماً ودقة قد تشتمل على هذا التوقف المطول للشرح بل والإستطراد فيه ، الأمر الذي أجده مستغرباً أن توقفت وفكرت فيه للحظات (  أسبق أن رأيت بطل أكشن في مسلسل أمريكي يتوقف قبل أن يسددد ضربته القاضية لعدوه ليشرح شرحاً مطولاً مدته تطول أو تقصرعن شيء معين ؟ ناهيك عن أن يتذكر شيئاً ؟ ) نعم ..الكثير من الشرح




  -   المفهوم الياباني للكوميديا والإضحاك مختلف عن كثير مما نعرفه .. وقد تكرس أحد شخصيات المسلسل للترفيه وتخفيف الأوقات الجادة  سواء لعبت هذه الشخصية دوراً أساسياً أو ثانوياً ، ويرافق المواقف الكوميدية عادة تحول في شكل الشخصيات ، لتصبح شكلاً كاريكاتيرياً مبالغاً في الإنفعالات وتعابيرالوجه مع تغير الخلفيات والطيران في الهواء وخروج الدم كالشلالات من الأنف أو الدموع أو اللعاب ( والذي وإن كنا معتادين عليه بعض الشي ولو فكرت فيه قليلاً لوجدته غريباً حقاً )



-          مشاهد العري .. أوه نعم ، مشاهد العري  ، وإذا ظننت أبتداءاً أنك لن تصادف أياً منها  باعتبار أنه ( كل أفلام الكرتون للصغار ) فدعني أخبرك أنك مخطئ جداً في هذا



-  الشخصيات سهلة التنميط في الإنمي الياباني ومع بعض المشاهدة تستطيع أن تصنفها في بضع فئات كبيرة نادراً ما تخرج شخصيات الإنمي الياباني عنها  ( البطل الطموح دائم الإندفاع والصراخ و الرغبة في الوصول للهدف ، الصديقة حارة الطبع التي  تقوم بضربه على رأسه دائماً ، شخصية هادئة ورقيقة  وخجولة جداً وغير قادرة على قول أي مما تفكر فيه حقاً ( والتي تضغط على أعصابك حقاً طيلة فترة المشاهدة " يا أمي أهرجي !!! " إلا أنك يجب حقاً أن تعتادها لأنها على ما يبدو جزء حاضر وقوي في الثقافة اليابانية ) ، ثم أخيراً الشخصية الصامتة والغامضة وذات المهارات المتميزة والأسلوب المتعالي ( والتي تثير غيظ صاحب الشخصية المندفعة في أغلب الأوقات )  


-          


لكي تشاهد أحد الرسوم المتحركة اليابانية تحتاج إلى القليل من توسيع الأفق والقبول ، والأنفتاح على حبكات غريبة وأشكال أشخاص غريبين وعوالم غير إعتيادية بقوانين غير إعتيادية ،  وعلى أن كل هذا ليس حكراً على الإنمي الياباني إلا أنه ينجح دائماً في جعل هذا كله أكثر غرابة وتشابكاً ( ألن تحتاج إلى بعض القبول إذا أردت أن تتابع قصة وحش الشينابرا العظيم ذو الأعين السبعة الذي خُتم داخل دمية التشي التشي اللطيفة  التي حبست في سرداب المدينة الزرقاء منذ خمسمائة سنة قبل أن يحررها شرير المسلسل بطاقته الروحية الجبارة وبهذا استطاع أن يطلق الجنون والقتل في أنحاء الأرض ؟ ) أعتقد أنك تحتاج ، (  لول أختلقت هذا للتو ..لكن بقية القصص تتبع شيءاً كهذا :P   ، أو على الأقل النوع الذي أحب متابعته )









وبهذا تنتهي هذه القائمة ،   وبرغم  أن كل هذه الأشياء قد تحول للوهلة الأولى دون إعجابك بفن الإنمي الياباني ، إلا أن فيه من الإبداع والعبقرية ما يضمن عودتك للمزيد وعدم قدرتك على تبديله بأي نوع من المشاهدات التلفزيونية إن هو أخذ مكانه في جدول الأشياء الموضوعة على لائحة المشاهدة ، منعشٌ كم الغرابة التي يحويها ، ومثير للفضول كوعاء ينقل ثقافة وأفكار أناس مختلفين تماماً ، الموسيقى عبقرية ، وتصميم الأزياء والأسلحة والحركات القتالية ( إن كان من هذه الفئة )  ملهم ومثير للإعجاب ، المشاهد المحزنة محزنة فعلاً وكفيلة بجعلك تمسح عينيك بطرف قميصك ، والإتقان والجهد والحب والإبداع في كل تفصيل يُلهم إبداعك أنت ومخيلتك أنت وتفاصيلك أنت .. كمان يفترض بالفن أن يفعل ، كما لا يفعل أي شيء على الشاشة . 

الخميس، 4 يوليو 2013

36 جهة أتصال


اقرأ التالي بنبرة مذيعي الأخبار :
في حادثة غير مسبوقة قام جوالي  بحذف جميع الأرقام الهاتفية التي تخص أي شخصِ سبق وعرفته  في حياتي وبعد محاولة مريرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ( عن طريق المحادثات التي ما زالت موجودة على تطبيق الواتساب والتي قمت فيها بلعبة توصيل المحادثة باسم الشخص الي جرت معه ) تمكنت من إستنقاذ 36  اسماً فقط ،  هذا وقد تُبع حذف جميع الأسماء بتنويه مندد يقول بأن " يور سبرنغ بورد هاز  كراشد"

حسناً انتهيت من العبث
تستطيع أن تقرأ التالي بأي نبرة تريد ..

آه .. نعم ،  36 اسماً فقط ، وقد فاجأتني حقاً النوبة القلبية التي أصبت بها حالما أكتشفت أن كل الأرقام قد ضاعت
أصبت بالهلع  ، و جعلت أنظر فاغرة إلى قائمة الأسماء البيضاء  ،
 وحيث أنني  لم أكن يوماً بالضبط  سيدة التواصل الهاتفي أتساءل
 : لم شعرت بالهلع هكذا إذن ؟
وكان الجواب سهلاً ( ألا تحب نفسك عندما تعرفها لهذا الحد ؟ ) 

يقبع في قائمة جهات الإتصال التي تخصني عدد من الأسماء التي أختارت الحياة ( وفي بعض الأحيان أنا ) أن تتوقف العلاقة بيننا  ، وعلى أني حرصت أن أمحو كل أثر يخصهم في أي جهة أخرى من هاتفي النقال بصفة دورية ( إما بسبب المساحة أو أي أسباب أخرى ) إلا أنني عرفت  بأمان وبشكل جانبي أنهم سيكونون دائماً هناك ، ترتص أسماؤهم بصمت إلى جانب أسماء أخرى تتبع نفس الترتيب الأبجدي في قائمة جوالي   ، وأنهم  دائماً على بعد مكالمة هاتفية واحدة ، أو رسالة نصية واحدة .. 

وعلى أنني لم أقم يوماً بهذه الخطوة  ولكن وجود الخيار فقط  كان شيئاً مطمئناً  بالنسبة لي  .
ثم " پوف" ! اختفت الأسماء هكذا 

وتركت أنا مع هذا الشعور الحاسم والأكيد والنهائي بأن لا تواصل سيأتي مستقبلاً ، وأن المسافة الكبيرة التي كانت تفصلنا إبتداءاً -  في لحظة  -  قد صارت أكبر وأكبر وأننا حقاً  " قد ذهب كل منا في طريق " ..

ثم هناك الأسماء الجديدة ، التي وجدت طريقها إلى هاتفي بمحض الصدفة أو بكيفيات أخرى ، 
وأحببت وجودها في هاتفي النقال وإن لم أملك لها هي الأخرى أي خطط في المستقبل القريب أو البعيد  ولكن وجودها كان منعشاً بطريقة غريبة ، بطريقة مشروعٍ ما على وشك البدء ،  خطط صداقة  مفتوحة  بحب  ، أو مضاداً للملل في أسوأ الأحوال
وفقدت هذه أيضاً
وعلى أن استرجاع كل هذه الأسماء ليس بالمهمة المستحيلة  إلا  أن جانبي الشاعري ( وجانبي الكسول إن جئنا لهذا الصدد )  قد تولى مهمة إقناعي بالعكس  ،
قلت : فليكن
ربما لم يكن مقدراً لهذه الأرقام أن تبقى
ربما كان هذا إشارة صريحة بأن علي المضي قدماً في الحياة ، وليس هذا فقط
ربما كان إشارة بأنه يجب علي المضي قدماً في الحياة  و في اتجاه آخر ، نحو طريق لا تكون فيه كل هذه الأرقام جزءاً أكيداً من هاتفي النقال ..أو جزءاً أكيداً من كل الإحتمالات التي يحملها لحياتي
طريقا ً أقوم فيه  بالأشياء فعلاً ، على أن أستكين لاحتمالية القرب ، واحتمال وجود المشروع  و احتمال حدوث هذا أو ذاك .. واحتمال واحتمال
ربما يجب علي أن أضيق الإحتمالات ، و أطفو مع الموجود والحقيقي والحاصل
ربما يجب علي أن أبدأ من جديد
وأصطدم بكل من عرفتهم سابقاً في كل مرة على حدى ليدخلوا إلى حياتي  " قائمة جوالي " مرة أخرى  ، دخولاً حقيقياً وفعالاً ومؤثراً ..وإلا فلا ضرورة لكل هذا الأرقام والإزدحام  في سبيل " الإحتياط "  وكلمة  " ربما أحتجته يوماً  ما " أو المناوشات والمجاملات الفارغة  ..
ربما يجب علي أن .. أن أكون أكثر كرماً !  و أقبل بتطاير القطع هكذا  ، وألا أكون  على " رأس اللعبة   " كما يجب
أقل سيطرة وأكثر قبولاً ، أكثر تسامحاً وتساهلاً  مع نفسي ومع الناس ومع الأرقام ومع الجوال و مع الحياة  .. و مع بعض الطرق التي أنتهت إليها بعض الأمور  ...
ربما أفلسف هذه المسألة أكثر مما يجب ، ربما  يجب علي أن أفكر في العطل الفني  كعطل فني وحسب ربما يجب علي أن أسترجع كل هذه الأسماء بصمت وأسلم أنها وجدت في هاتفي لسبب ما ، وأنها ستبقى برغم هذا العطل وبرغم أشياء كثيرة  ، وأن لا شيئ أبداً ينتهي حقاً ، وأن الإحتمالات ستبقى واردة حتى وإن اخترنا ألا نفكر فيها
وأن الحقيقي والموجود والحاصل أوسع وأشمل مما  أخترنا  إطلاق عليه كل هذه الأسماء فقط لأنه موجود بالنسبة إلينا  وحاصل ٌ لنا نحن وحسب ..

ربما أصمت الآن  ..