الثلاثاء، 18 فبراير 2014

اقتحام مفاجئ .. طفل صغير بورم في الدماغ

ننهي هذا الأسبوع الوقت المخصص لجراحة المخ و الأعصاب و بنهاية آخر يوم في هذا الأسبوع نحن مطالبون بتسليم حالات فريق الجراحة مكتوبة إلى مكتب الإستشاري المسؤول عن تقييمنا  ، ولإنهاء هذه المهمة قمنا بحصر الحالات التي ( يعالجها الفريق ) ومن ثم توزيعها على بعضنا  ، اخترنا اسماً انا وصديقتاي ونوينا أن تكون هذه هي الحالة التي نُقيّم عليها ، دونّا رقم غرفته واتجهنا نحوها ،  طرقت الباب  ، " السلام عليكم " .. غرفة مليئة بالأهل قرابة ٧ أشخاص ، سألت : " غرفة قيس؟ "
أجاب الأهل بأن نعم .. 
مسحت الغرفة بنظرة سريعة بحثاً عن طفل بعمر الأربع سنوات الذي من المفترض أن يكون المريض الذي يجب علي أن أدون تاريخه المرضي ، ولا أجده ..  الغرفة مملوءة بالبالغين فقط ..
سألت : " فينو طيب؟ " 
أجاب شابٌ واقفاً : تحت .. في العمليات .. 

" أها أوكي " ، أقول مستدركة ومن ثم أشكرهم وأقفل الباب ورائي .. 
وقتها فقط وبعد أن أقفلت الباب تعود صورة الأشخاص الذين دخلت عليهم للتو إلى مخيلتي ، 
تبينت في هذه الصورة وجه امرأة كبيرة في السن تجلس على كرسي جانبي ، تسند جبينها على يدها ، وجهها ينطق كرباً ودموعاً قديمة وهي تنظر إلي دون أن تنظر حقاً أُطِل من شق الباب ، ثلاثةٌ وُقوف أحدهم كان الشاب الذي أجابني بنبرة متوترة ، وآخرون موزعون في أنحاء الغرفة في وضعيات كانت .. اممم .. تشبه .. الإنتظار؟ 
أوه .. كانوا ينتظرون 
وأتذكر تشخيص الطفل الذي كان مكتوباً على جهاز الكمبيوتر " ورم في الدماغ " 
أوه ..
وأعود إلى نفسي ، وأتذكر خجلي وتحرجي في وقتٍ مضى من الدخول على أشخاص لا أعرفهم ومن ثم سؤالهم باستفاضة عن تفاصيل مرضهم ودقائق وتفاصيل أخرى ، وأذكر كيف ركلت هذا التحرج سريعاً باندفاعٍ مبالغٍ فيه وبصوتٍ أعلى مما يجب غرضه نفض الشعور أكثر من أي شيء آخر ..
 ثم راح التحرج ، وراح الإندفاع ، وبقي شيء ضبابي في وجداني يخيّل إلي إني أدخل على أحدهم وأنا " أملك المكان " وأن من حقي أن أدخل إلى أي مكان وأنجز ما عليا إنجازه ، وأن شيئاً من تلك الغرف التي أطرقها لن يخيفني حقاً أو يثير دهشتي .. 
وتذكرت أن هذه هي الروح التي دخلت بها على تلك الأسرة المنتظرة .. 
وأن القساوة التي نظرت بها إلى وجوههم فرداً فرداً كانت تُقابِل على الضفة الأخرى قلوباً معلقة على خيط ، ورباطة جأش تنتظر كلمة واحدة فقط ..
ترى كيف كان وقع اسم ابنهم - المفتوحة رأسه  في هذه اللحظة بالذات -  على آذانهم ؟ 
" غرفة قيس؟ "
يغوص قلبي ..  
وأتسمر أمام الغرفة ،  وأخبر صديقتاي بهذا الإدراك الذي عبرني للتو ، يؤلم إحداهن ما قلت ، فتقترح  أن نعود إلى الغرفة ونخبرهم إننا مجرد طلبةٍ مع بعض الأسئلة فقط ، وأن لا داعي للخوف وأن الله سيفرحهم برؤيته سليماً معافاً بإذن الله وبأننا نأسف حقاً إن كان دخولنا وسؤالنا قد أثار أي نوعٍ من الضيق أو الخوف غير الضروري .. 

أخبرها بأن " لا " " لا داعي "  ونذهب إلى غرفة أخرى .. 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق