كعادتنا رجعنا من بيت ستي رحمها الله ودخلت المنزل وأنا أحمل بيدي القفص الذي يحمل أربعة كتاكيت أشتريتها مؤخراً ، كانت كتاكيت بلدية ( أي أنها مازالت تحتفظ بألوانها الطبيعية المتراوحة من الأصفر للبني ولم يحقنها أحدهم أو يغطسها في ألوان فوشية أو زرقاء أو خضراء )
أخذني الحنان بالكتاكيت في تلك الليلة و تناولت شرشفاً ثقيلاً وغطيت به القفص بإحكام ، وحالما رجعت في ظهيرة اليوم التالي من المدرسة اقتحمت " الحوش" الخلفي للمنزل الذي كنت أبقي فيه القفص لألعب مع كتاكيتي
تناولتني صدمة ثقيلة حالما رفعت الغطاء
كانت الكتاكيت الأربعة مرمية على أرض القفص بطريقة مريبة ( أماني قد مرت من هنا )
كان الأكبر فيهم مستلقياً على جانبه يحارب ليتنفس ويحصل على الهواء ، بينما ثلاثة منهم يبدو أنهم قد فارقوا الحياة قبل أن آتي بمدة جيدة
بكل الوحشية والحب الذي تملكه بنات الإبتدائي قتلتهم !
ومضى ذاك اليوم
أما الخروف فقد كان مكافأة وُعدت بها إذا أحترمت نفسي وصليت صلواتي جميعها على مدار أسبوعين متتالين ، وعلى أنني لم أصل معظم الأيام إلا أنني لا أنسى تلك اللحظة التي فتحت فيها الباب ومنظر أبي أمامه يحمل خروفاً رضيعاً بكلتا يديه
لا أذكر بالتحديد ماذا فعلت ماما حينها أعتقد أنها خاضت خصاماً مشهودا مع بابا ، لست متأكدة كنت مستغرقة حد العبادة بالخروف الصغير الرضيع
وكما في حالة الكتاكيت تملكني الحب والحرص مرة أخرى عندما سمعت أن الخراف يجب أن يحلق عنها صوفها دورياً وإلا مرضت.
فالتقطت ذاك المقص وهممت بحلاقة شعر خروفي الصغير ( للمعلومة لم يكن له صوف بعد ، كان صغيراً جدا )
وكأي خروف يثق بأمه لم يقاومني ذاك الخروف كثيراً
أستلقى على الأرض" زي الشاطرين " وتركني أقوم بما يجب عليا القيام به ومع أول قصة بذاك المقص الكبير الذي لم أحسن تصويبه جيداً نزف خروفي الحبيب بضعة قطرات من الدم توقفت بعدها جزعاً عن عملية الحلاقة الوقائية
لا أظن أن تلك القطرات هي ما قتلت خروف طفولتي لكنني قضيت جزءاً جيداً من حياتي أعتقد فيه أنني قتلته بذاك المقص وبذاك الجرح
مررت بمزيج سيء بعد موته بأيام عديدة من إحساس بالذنب والحزن على فرقاه وعلى أمه التي لابد أنها افتقدته كثيراً بعد أن ذهب إلى عهدتي ، أحببته حقاً وقتلته حناناً هو الآخر !
سأذكر نفسي مستقبلاً ألا أشتري أي حيوانات أليفة ( أو داجنة ) لأطفالي مهما أكلوا رأسي بالطلب والنق
الإحساس بالذنب حمل رهيب على قلب طفل صغير
وماذا حصل لذاك الكتكوت الأخير الذي صمد حتى جئت ورفعت الغطاء ؟
مات أيضاً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق