في جو تنافسي ، لا أحد يحب أن يدلي تصريحاً يشي بالجهل أو قلة الحيلة و السأم .
في جو " نخبوي " يلزمك الكثير من الشجاعة حتى تقول لا أعرف أو لا أستطيع أو ما استطعت
في جو يصفق فيه الجميع ويسبح بحمد خدمة الأمة ورفعة الدين و ( الطب على يد المسلمين ) تكون كلمة ٌ كـ "أكره الطب " ثقيلة على لسانك أو حتى معيبة تتحاشاها وتتحاشى تصديقها في نفسك على نفسك .
لذلك وبينا كنت أهيم على وجهي في تويتر الأمر الذي كان حرياً بي أن أستبدله بمقابلة كتابي ( موعد إختباري النصفي على الأبواب ) لاحظت شيئاً جميلاً جداً في صفحة صديقة وزميلة أتابعها على تويتر
الشئ الذي بعده توقفت وقفة إعجاب و تأمل :
" أكره الطب ، في ذات اللحظة أدرسه " كتبت صديقتي في خانة ( عني )
واو مضى وقت طويل منذ سمعت كلمة بهذا الصدق ! (هكذا فكرت )
نعم يلزمك الكثير من الشجاعة لتكتب شيئاً كهذا في خانة التعريف بك
" طيب.. لماذا نكره الطب ؟ " كان السؤال الذي سألته نفسي بعدها
أو بالأحرى " ماذا نكره في الطب ؟؟ " سؤال أكثر دقة تلاه مباشرة
وبعد استعراض سريع لكل الأجوبة الممكنة ، كان مما يثير الاهتمام أن الأجوبة المعهودة من " لأنه حفظ " ، " لأنه دراسة طويلة " ، " لأنه كرف " لم تكن الأجوبة المرضية الشافية
مقاربة أكثر شاعرية :
أنت لا تكره الطب أنت فقط روح حرة ، تجد صعوبة في التكيف مع مقاربات الغير واستنتاجاتهم التي لابد أن تأخذ كثوابت دينية لا تناقش
أنت لا تكره الطب أنت فقط ذو ميول إبداعية ، تجده صعباً أن يقيد أحدُ تدفقك اللغوي والفكري في إطار معين أو نموذج جاهز
أنت لا تكره الطب ، أنت فقط ضجر ٌ من كثرة ما يجب عليك فعله وقلة الوقت بين يديك الذي يجب عليك أن تنجز فيه
أنت لا تكره الطب ، أنت تكره الدم والبلغم وملحقاتهما
أنت لا تكره الطب ، أنت تفتقد ذاك الوقت في ذاك الزمن السحيق حين كنت متفوقاً ودافوراً ومن الأوائل على مدرستك
( ومن السخرية وتقلب االدهر أنك كنت متفوقاً دونما جهد كبير)
أنت لا تكره الطب ، أنت سئم ٌ بما يجب عليك أن تكون ، وكل ما لست تملكه وكل ما لست تعرفه ، وكل شيئ ليس أنت في وضعك الحالي
أنت لا تكره الطب ، أنت شاعر يفتقد كلماته فقط .
أنت لا تكره الطب ، أنت مصور يفتقد فلاش الكاميرا على ما سيكون لقطة خلابة .
أنت لا تكره الطب ، أنت رسام ، أنت كاتب ، أنت حرفي ، أنت ما أنت ، يفتقد كل السلام والفرح الذي يغمرك حين تمارس ما كان هوايتك وموهبتك .
أنت لا تكره الطب ، أنت فقط لا تعرف مكمن الجمال فيه بعد
أنت لا تكره الطب ، أنت لم تجد " أنت " الخارق بعد
أنت لا تكره الطب ، أنت لم تجد الجزء السحري فيه بعد ، الجزء حيث تشرح لأحد من أهلك شيئاً فيتمتم " سبحان الله "
وما كانت المعلومة لكثرة ما سمعتها تحرك فيك شيئاً ، حتى أثارت دهشة أحدهم دهشتك الصغيرة وفخرك السري
أنت لا تكره الطب ، أنت لم تجرب فخر المعرفة ونبل المقصد بعد
أنت لا تكره الطب ،
أنت ...
أنت ...لا تكرهه !!!
بلا انا اكره الطب والاطباء ونظام الامتحانات كله لا يتماشى مع شخصيتي.لا اجد راحتي فيه ابدا
ردحذف